كلمة العدد
بين
تيّار المقاومة وتيّار التطبيع
محنة الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني في شوارع غزّة
لم تقضّ فقط مضجع المسلمين – المناصــرين للقضيّـة الفلسطينية – في مشارق الأرض
ومغاربها ، وإنّما قـــدّمت للعدو الصهيوني اللعين أضخم مدد ؛ ليحقق مشروعه
الاستعماري بشكل أسرع في هذه المنطقة الإسلامية المباركة ؛ وليكون ذلك في الوقت
نفسه أكبر عون لإضعاف الموقف الفلسطيني ؛ ليتم ضياع حقوقه وأراضيه ومصيره في متاهة
صهيونية صليبية لانهاية لها .
الدارس
للتأريخ الإسلامي في مسيرته الطويلة ومنذ أن تحقق المشروع الإلهي كما أرده سبحانه
يعلم جيِّدًا أن المعارضين له من الكفار والمشركين ومشاركيهم في العداء والحقد
عندما تأكّدوا أن الجدار الإسلامي المرصوص لايمكن اختراقُه بعدما قام شامخًا
علىأسس راسية ، تـوصّلوا بعد تفكير طويل وتبييت كبير أن السبيل مُمَهَّدٌ لاختراقه
إذا تمكّنوا من تفكيك الصفّ الإسلامي وزرع الخلاف فيه وتشتيت شمله ؛ فعمـــدوا على
تحقيــق ذلك واستطاعوا أن يجدوا دائمًا بالعدد الكبير الذي لايُسْتَهَانُ به من
شَكَّلُوا دائمًا «الطابورَ الخامس» في الصفّ الإسلاميّ – و«الطابـورُ الخاموس»
اسمٌ أُطْلِقَ بعد الحرب الأهليّة الإسبانية على الأنصار السرِّيِّين الذين يعتمد
عليهم الخصم في صفوف خصمه – .
الطابورُ
الخامس هو الذي وَظَّفه الأعداءُ لضرب الإسلام وإصابة المسلمين في المقاتل . كلُّ
الخسائر والأضرار التي أُلْحِقَت بهم والتي تمثّلت في الهزائم الداخلية والخارجية
البعيدة المدى التي تخلّفت بهم أشواطاً بعيدة ، وتركتهم يلحسون دماءهم أمدًا
بعيدًا ظلّ الأعداء يقطعون خلالَه أشواطاً بعيدة إلى التقدم والازدهار والانتصار..
كانت كلُّها ناتجة من الإنجاز الكبير الذي حقّقه «الطابور الخامس» في صفهم . وكان
ذلك مكسبًا كبيرًا حَقَّقَه الأعداء بفضله . ولوشاء الله لما وَجَدَ «الطابور
الخامس» أرضيّةً داخل المجتمع الإسلامي الذي استقام على تعاليم الإسلام ؛ ولكنها
كانت مصلحة إلهيّة وحكمة ربّانيّة شاءت أن يتجلّى الصراعُ الدائم الشاخص بين الحق
والباطل ؛ حتى يمتاز الخبيث من الطيّب ؛ فسمحت بهذا الطابور دائمًا أن يجد الطريق
إلى الوجود والازدهار والعمل على الإفساد وإثارة الفتنة ؛ ليفتتن الأشقياء ولا
يفتتن السعداء .
* * *
الدارس لتأريخ
القضية الفلسطينية – التي أصبحت على رأس كل القضايا الإسلامية الكبيرةِ التي لا
تُحْصَى – يجد أنها هي الأخرى لم توجد؛ بل بأصحّ التعابير: لم تُثَرْ إلاّ عن طريق
الطابور الخامس الذي وُلِدَ من بطن التفكيك والتشتيت والإضعاف والخلافات التي ما
عرفت نهايةً . النكبة الفلسطينية منذ أن وقعت فيما قبل نحو 60 عامًا ، ما وقعت ولا
تفاقمت إلاّ من أجل حالة الضعف التي استطاع الأعداء – وعلى رأسهم الصهاينة
والصليبيون – إيجادها في الصفين العربي والإسلامي مضافةً إلى موقف التفرق الذي حال
دون وحدة الخطة والعمل ، الأمر الذي وَظَّفوه لتوريط «المستضعفين إيمانًا» من
العلمانيين القابلين لأن يكونوا «الطابور الخامس» في الصف الفلسطيني في فخّ
مفاوضات السلام الكاذب الذي كان خُلَّبًا بشكل أكثر من السراب بقيعة بحسبه الظمآن
ماءً ، والذي كان أكبر وأقدر عامل في ضياع حقوق الشعب الفلسطيني وقدرة العدو على
الإمساك بالأرض التي اغتصَبها ، وعلى المضي قُدُمًا في إنجاز مشروعه الاستعماري
الغشوم الذي يؤيّده فيه جميعُ الأعداء الذين يوحّدهم العداء مع الإسلام زعم ما
تفرقهم المصالح .
الطابورُ
الخامس هو الذي ركبه الصهاينة والصليبيون مطيّة ذلولاً لإحداث انشقاق أكثر إلى
تحقيق مسرحية اتفاقيات «كامب ديفيد» عام 1978م التي أُبْرِمَتْ بين مصر ودولة
الكيان الصهيوني ، واتفاقية «أوسلو» عام 1993م التي وُقِّعَتْ بين كل من عرفات
ورابين ، واتفاقية «وادي عربة» عام 1994م التي وقّعتها كل من الأردن ودولة الكيان
الصهيوني . ولا يشكّ إلاّ الأبله الذي لانظير له أن هذه الاتفاقيات المتعاقبة مع
العدو اللعين هي التي فرّقت الصفَّ العربي الإسلاميَّ تفريقًا كان قاصمًا للظهر؛
حيث كبّلت أيدي الفلسطينيين تكبيلاً لم يستطيعوا معه قبضًا ولا بسطاً . هذا في
جانب وفي جانب آخر : قدّمت اعترافًا صريحًا متصلاً بحق الكيان الصهيوني في البقاء
على احتلال الأراضي الفلسطينية .
كما أنّها –
هذه الاتفاقيّات – وَزَّعت الصف الفلسطيني العربي الإسلامي بين موقفين: موقف
متخاذل انهزامي مبني على فقد كل غيرة عربية وحمية إسلامية يرى ويسعى لتطبيع
العلاقات مع الصهاينة وإقامة الصلح معهم وإتاحة كل الفرص لهم لابتلاع البقية
الباقية من الأراضي العربية الإسلاميّة وتدجين الشعب الفلسطيني لأن يقبل كل ذلّ
وخنوع إلى جانب ما يعايشه من التشريد والتقتيل والتجويع والتعرية وصنوف العذاب
التي صُبَّت عليه – ولا تزال تُصَبُّ – لجريمة واحدة وهي أنه شعب فلسطيني عربي
مسلم صاحب دار وأحق بها بحكم التاريخ والمنطق والشرعيّة .
وموقف آخر
أبيّ مبنيّ على الحمية والغيرة وكل معنى من معاني الشرعيّة يأبى الاحتلال ويرفضه
بكل وجه من الوجوه ، ومن ثم فهو يسعى بكل ما يستطيعه من الحيل المتاحة والسبل
المشروعة لاستعادة الأراضي العربية الإسلامية المغتصبة وإقامة الدولة التي حيل
بينها من جميع الأعداء في الشرق والغرب وعودة المُشَرَّدين الفلسطينيين إلى دارهم
وموطن قرارهم وهو الوطن الفلسطيني . وهذا الموقف يعتمد الجهادَ والاستشهاد وجميع
السبل التي يجوز أن تُصنَّف ضمن المقاومة المشروعة التي تجوز ممارستها لأي شعب اغْتُصِبَت
أرضه وشُرِّدَ هو منها ويُصَبُّ عليه العذاب من كل جهة بالآلة الحربية الثقيلة
وبغيرها من سبل التعذيب وبتأييد من العالم العاقل المجنون البصير الأعمى وبكل دعم
من القــوة الكبرى الوحيــدة التي تترأس ممارسةَ الظلم وإعمالَ كل أسلوب من
الاستكبار ربّما كان لايعرفه حتّى فرعونُ موسى : رمز الظلم والاستكبار .
إنّ هذا
الموقف المُشَرِّف الذي تُمَثِّله جميعُ فصائل المقاومة الفلسطينية – وعلى رأسها
«حركة المقاومة الإسلامية» – هو الذي ظلّ يُحيي القضية الفلسطينية ويُبرزها دائمًا
أمام المجتمع الدولي الذي ظَلَّ يبذل محاولاته لتجاهلها وتناسيها وطرحها في سلّة
المهملات ، واستمرّ يُدَجِّن الرأي العالمي – وعلى رأسه فريق الموقف الفلسطيني
الذي يُهَرْوِل للتطبيع فالاستسلام – لإنهاء القضية الفلسطينية حسب المصالح
الصهيونية والرؤية الصليبية المتصهينة . وبما أن أصحاب هذا التيار الرافض لمسلسلات
الاستسلام والتطبيع الخادعة يُصِرُّون على الجهاد والاستشهاد ولا يقبلون بديلاً عن
الرؤية الإسلامية الصحيحة في قضية فلسطين وحلّها ولا يرضون بتنازل عن الحقوق
السليبة والأراضي المغتصبة بما فيها حق تقرير المصير الفلسطيني كما يودّه
الفلسطينيون والعرب والمسلمون ، يحاول الصهاينة والصليبيون المتصهينون القضاءَ على
هذا التيار، ويصبّون كلَّ جهودهم على إنهاء وجوده في الصفّ الفسطيني الإسلاميّ ،
حتى تعود الطريق ممهدة أمام التيار المعاكس الذي يُمَثِّل الطابور الخامس في الصف
الفلسطيني ، والذي يسعى جاهدًا – مقابل «ثمن أرضيّ» بخس : دراهم معدودة أو مناصب
دنيوية زائلة – ليتم التوقيع على صكّ إنهاء القضية الفلسطينية حسب المطامع
الصهيونية الصليبية الوثنية .
* * *
«الحرب
الأهلية» أو الاقتتال الذي نشب منذ شهور بين الفصائل الفلسطينية المتوزعة بين تيار
المقاومة وبين تيار التطبيع والاستسلام ، إنما يشنّها المُصَنَّف في الصف
الفلسطيني ضمن «الطابور الخامس» من رجال حركة «فتح» العلمانية «المعتدلة» الرافضة
للمقاومة ، المنادية بالتطبيع والاستسلام ، للقضاء على تيار المقاومة، ضاربًا
وحدةَ الشعب الفلسطيني ، التي كانت وستظل هي حائط الصد الأخير للدفاع عن القضية
الفلسطينية .
وهذا
الاقتتالُ دونما شك ، خَطَّطَ له ، الصهاينــةُ والصليبيون ، ووَدَّوا نشوبَه ،
وأوجدوا له المناخ ، و ووضعوا فيه الوقود ؛ ليشتعل طـويلاً ؛ ليُحرق وحدة الصف ،
ويقضي على كل أمل من آمال الائتلاف والاتحاد الذي يرون فيه موتهم وموت أذنابهم .
من هنا نرى أن أمريكا تُمِدُّ أصحاب التيار العلماني الفتحاويّ بــرئاســــة
«عباس» بكل دعم ماديّ ومعنوي؛ ليعزز قدراتهم الحربية التي لم ولن تُوَظَّف لمقاومة
الصهاينة يومًا ما ، وإنما وُظِّفَتْ دائمًا للصراع الفلسطيني – الفلسطيني ؛ حتى يتفرق
الصف وتختلف المواقف ، وتتضارب الرؤى ، وتضيع القضية ، ويضيع الشعب ، وتنتهي القصة
.
فقد أفادت
الأنباء أن أمريكا قدّمت لفتح خلال شهر أبريل الماضي وحده أسلحة يُقدق ثمنها
بـ(15) مليون دولار، إضافة إلى أمدادات الأسلحة المتتابعة لحد اليوم ، التي تصلها
من أمريكا عن طريق مصر .
إنّ
الانقلابيين من الفتحاويين ، إذا كانت لديهم ذرة من الغيرة العربيّة والحمية
الدينية ، يجب عليهم أن ينفضوا أيديَهم من التصارع ، ويحاولوا أن يكونوا صفًّا
واحدًا ضد العدو اللعين الذي لايرعى فيهم إلاًّ ولاذمةً ، وليعتبروا بعرفات الذي
أمضى عمره في «الاعتدالية» والعلمانية ورفض «التطرف» و«العنف» والهرولة نحو
التطبيع الذي قلّد فيه سلَفَه محمد أنور السادات ، فلم ينفعه ذلك فضلاً عن أن ينفع
الشعب الفلسطيني؛ إذ ظَلَّ الصهاينةُ يكيدون له ويؤامرون ، حتى قتلوه بالسم أو
بطريق آخر حديث سُمِّمَ به دَمُه في العروق بشكل أدّى إلى موته تدريجًا – كما
أكّدت عدد من المصادر العالمية . إنّ محالفةَ الصهاينة محالفةٌ للشيطان الذي قال
عنه ربنا تعالى إنه عدوّ مبين للإنسان فليتخذه عدوًّا :
«إِنَّ
الشَّيْطـٰـن كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا» (الإسراء/53) .
«إِنَّ الشَّيْطـٰـنَ
لَكُمْ عَدُوٌّ فاَتَّخِذُوهُ عَدُوًّا» (فاطر/6)
* * *
إن «حماس»
توصّلت إلى كرسي حكم السلطة الفلسطينية بأغلبية أصوات الشعب الفسطيني الذي صَرَّح
من خلال تصويته لصالحها أنّه إنما يُفَضِّل خيارَ المقاومة والجهاد والصمود في وجه
العدو الماكر اللعين – الممسوخ سلفُه قردة وخنازير بغضب من الله ولعنة منه تعالى –
الذي لايرعى ولن يرعى في مؤمن إلاًّ ولاذمة ؛ لأنه لايتظاهر بالرضا بالصلح
والاتفاقية مع الفلسطينيين ، إلاّ لكسب الوقت ، واستغلال الفرصة لصنع مزيد من
القدرة العسكرية والآلية الحربية حتى ينقضّ على الفلسطينيين والعرب حولهم أجمعين
انقضاضًا حاسمًا ، وحتى يصير قوةً عسكريةً – وأيضًا اقتصاديةً – لا تُغَالَب من
قبل جميع الدول العربية والإسلامية بالمجموع ، ليرغمها – العدو – دائمًا على قبول
إملاءاته ، وابتلاع مقدساتها الدينية ، وأراضيها ومقدراتها ، ويتمكن من إقامة
«دولة إسرائيل العظمى» من النيل إلى الفرات ، كما يحلم بذلك وكما هو مُصَرَّحٌ به
في بروتوكولات العدوّ في كل موضع .
وقد لاحظ
المسلمون في العالم بغاية من الأسف والغضب أن أمريكا – ومعها ذيلها الذليل أوربّا
كلها – حالت دون حماس – حركة المقاومة الإسلامية – بكل من الحيل ودون ممارستها
للحكم والسلطة ، ففرضت الحصارَ الاقتصاديَّ الكامل هي وذيلُها الذليل أوربّا ،
ومنعت كلَّ درهم ودينار من الوصول إلى فلسطين ، حتى يجوع ويعرى ويمرض الشعب
الفلسطيني ، فيقع بينه وبين حماس خلاف حادّ وانشقاق كبير لايمكن معه أيّ اتحاد وتضامن
لابدّ منه لمقاومة العدو المشترك . وعندما رأت أمريكا – ومعها أوربّا المنافقة –
أن هذا «السلاح» لا ينفع في تكبيل حركة المقاومة، فحرّشت بينها وبين حركة «فتح»
التي يقودها العلماني «المسلم» المعتدل المتزن المرضيّ لدى الأعداء جميعًا
والمبغوض لدى الأصدقاء جميعًا المدعو عباس محمود أبو مازن ، وكان يقودها من قبل
ياسر عرفات العلماني «المعتدل المتنزن» لتتصادما وتتشابكا ، حتى تضيع قدرتهما
العسكرية ، وتضيع الدماء الفلسطينية الغالية ، وحتى لايتفرج العدو فقط وإنما يستغل
ذلك . لسلب مــزيد من الحقــوق ، وابتـــلاع مــزيــد من الأراضي ، وتقتيـل مــزيد
من الشباب الفلسطيني ، وتشريد مزيد من الشعب الفلسطيني .
* * *
الاقتتال
الفلسطيني الجاري بين رجال فصيلتي «حماس» و «فتح» لم ينشب بشكل عفويّ ، وإنما
تعمّدته إسرائيل وأمريكا والمتعاطفون معهما سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا وعلى
رأسهم الغرب المنافق ؛ ولكن التحريش الأمريكي الإسرائيلي لايشكل أبدًا أن يكون
علّةً شرعية لاقتتال الإخوان فيما بينهم ، مهما كان بعضهم محقين وبعضهم مبطلين ؛
فلينتهِ الاقتتال، ولتتوجه أفواهُ البنادق ، ولتُصَوَّب الرصاصات الفلسطينية إلى
العدوّ المشترك ، وهو إسرائيل الشاخصة وأمريكا المتخفّية .
«وَلَيَنْصُرَنَّ
الله مَنْ يَنْصُرُه إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ غَزِيْزٌ» (الحج/40) .
ومن فضول
القول أن نقول : إن المستفيد من التناحر الفلسطينيّ الداخليّ إنما هو إسرائيل
وأمريكا ؛ لأنهما هما اللتان أذكتا الاقتتال بأساليب كثيرة مكشوفة ومستورة . ومن
لايعلم أن أمريكا عاكفة على تدعيم «فتح» وحرس أبي مازن بملايين الدولارات حتى تكون
أكثر قدرة على مقاومة «حماس» وأنصارها . وفعلاً استغلّ رئيسُ الوزراء الصهيوني
«إيهود أولمرت» فرصة الاقتتال الداخلي بين مجموعات من «فتح» و«حماس» وشنّ غارات
متتابعة على «غزة» وأسقط عشرات من الفلسطينيين شهداء وجرحى ، بالإضافة إلى
الاعتقالات التي شملت خيرة رجال «حماس» بمن فيهم بعض الوزراء والمسؤولين . ولم يكن
ليجد «أولمرت» فرصة أحسن من هذه الظروف التي يمرّ بها الفلسطينيون في غزة . إن
عناصر الفتنة التي عملت على التحريش بين أشقاء المصير والهدف، لم تكتفِ بالحصار
الذي فرضته على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من عام وإنّما حَرَّسَتْ بين فصائله
لتقتتل وتنتحر . وذلك انتقامًا منه لقاء تصويته لصالح حماس وإيصالها إلى كرسيّ
الحكم، والذي أدّى إلى احتقانات وتواترات وتحاقدات داخلية ، يقاسيها الشعب على
جميع الأصعدة .
ولذلك
فالاقتتال الداخلي جريمة لا تُغْتَفَر في حق الشعب الفلسطيني ؛ حيث إنه يؤدي
مباشرة إلى إنهاء القضية ودفنها . الأمر الذي تودّه أمريكا والدولة الصهيونية ؛
لأن مشروعهما المشترك الموحد هو الهيمنة على المنطقة ، والسيطرة على المقدرات ،
والقضاء على الإسلام الذي «يقاومهما» ويقف في طريقهما ، فإذا تم القضاء عليه –
بصفته المقاوم الوحيد – فإن الجوّ خالٍ لهما في طريق تحقيق المشروع الصليبي
الصهيوني الموحّد .
فإيقاف
الاقتتال الداخلي واجب أوجب على جميع الفرقاء الفسطينيين وعلى جميع الهيئات
الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي التي تستطيــع أن تضع ثقلها في درء الفتنة
وإطفاء الحريق . وعلى جميع الفصائل الفلسطينية أن تُوَظِّف لغة العقل والحكمة وأن
لاتنجرف وراء الأحقاد التي إنما يثيرها الأعداء ليشغل الفلسطينيين عن السير في
سبيل الهدف والمصير. ولن ينجح الأعداء مهما حاولو وتقلّبوا ؛ لأن الله تعالى واقف
لهم بالمرصاد . «واللهُ غَالِبٌ عَلَـىٰ
أمرِه وَلـٰـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُوْنَ» (يوسف/21) .
(تحريرًا في الساعة 10 صباحًا من يوم الثلاثاء : 18/5/
1428هـ = 5/6/2007م)
نور عالم خليل الأميني
مجلة
الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادى الأولى – جمادى
الثانية 1428هـ = مايو – يوليو 2007م ، العـدد : 5–6 ، السنـة : 31.